تكنولوجيا الندف الحيوية (البيوفلوك)
إستزراع سمكي
تكنولوجيا الندف الحيوية (البيوفلوك)
كتبت ليزلي نيمو "محررة بمجلة ساينتفيك أمريكان" في وقت
سابق تحديداً في مارس 2019 أنه من بين المائة وستين مليون طن من الأطعمة البحرية
التي ينتهي بها المطاف إلى أطباق الطعام كل عام، يأتي 50% منها من الاستزراع
المائي وهذا ما دعاني إلى تكثيف البحث والجهود للنظر فعلياً إلى استخدامات
التكنولوجيا الحيوية في أعلاف الأسماك.
يتطلب استزراع السلمون والبلطي والروبيان والأنواع المختلفة سواء من
الأسماك أو القشريات توفير إمدادات ثابتة من المكملات الغذائية المثالية، ومنها
أسماك مثل السردين والأنشوجة الزيتية، وغالبًا ما يُطلق على هذا النوع من الأسماك
اسم "الأسماك العلفية"، وهي غنية بالبروتينات والفيتامينات والدهون، ومن
بين العشرين مليون طن من الأسماك العلفية التي تُسحَب من البراري كل عام، يُحضَّر
نحو 90% في صورة وجبات أو زيت لتغذية الأسماك المُستزرَعة للاستهلاك البشري.
لكن في ظلّ التوقعات باستمرار الاستزراع المائي في الازدهار (تتوقع
الأمم المتحدة زيادة الإنتاج بنسبة 34% بحلول عام 2026)، سينمو هذا القطاع بمعدل
يفوق حجم إمدادات الأعلاف التي يستهلكها، هذه المعضلة دفعت الباحثين إلى محاولة
التوصل إلى تركيب بديل من شأنه توفير العناصر الغذائية الموجودة في الأسماك
العلفية، على أن يكون مستدامًا واقتصاديًا وفي نفس الوقت لا يقوم بإستنزاف الموارد
المتاحة، مثل الحبوب التي يعتمد عليها البشر بشكل مباشر في غذائهم.
"الوجبات المكونة من الأسماك مهمة للاستزراع المائي، الذي إذا
كان له أن ينمو، فلا بدَّ أن يتخلَّص من اعتماديته على الأسماك العلفية".
هى أحد المقولات التي قالها مايكل تلوستي، أستاذ أنظمة الاستدامة
والأنظمة الغذائية المشارك بجامعة ماساتشوستس في بوسطن، وأرى أنها بالفعل من الجمل
القوية والتي يجب أن نمُعن التفكير فيها، ونوجه الجهود نحو تنفيذها ومحاولة إيجاد
بدائل من أجل الإستغناء عن استخدام الأسماك العلفية.
يتسبَّب الطلب المتزايد والإمدادات المحدودة في جعل الوجبات والزيوت
الخاصة بتغذية الأسماك باهظة الثمن لدرجة لا تسمح باستخدامها فيما يزيد على 30%
تقريبًا من الغذاء الذي يُقدَّم للأسماك المستزرعة، توفر هذه الكمية ما يكفي من
الخليط الضروري من المغذيات (بما يشمل أحماض أوميجا 3 الدهنية المستحبة)، لمساعدة
بعض الأنواع على تحقيق نمو أسرع، يعوِّض معظم المنتجين تلك السعرات الحرارية
المتبقية باستخدام فول الصويا والحبوب ومنتجات أخرى.
هذا الطلب المتزايد على تلك المحاصيل يتسبب بالفعل في إزالة الغابات
وزيادة نسب رواسب الأسمدة التي تُصرَّف في المجاري المائية، وذلك بالفعل يعد من
الأشياء غير المرغوبة لسلامة بيئتنا وبالطبع نريد جميعاً تجنب حدوث مثل هذا الأمر
والاضرار بمحيطنا الحيوي.
بأخذ خطوة للوراء في الهرم الغذائي وتوجيه النظر
صوب الطحالب التي تأكلها الأسماك، نجد هناك العديد من الأبحاث التي تثبت أن أسماك
البلطي النيلية يُمكنها اكتساب المزيد من الوزن بغذاء أقل، بل وتكتسب أيضاً قدرًا
أكبر من أحماض أوميجا 3، عند استهلاكها أنواعاً محددة من الطحالب بدلًا من زيت
السمك المعتاد.
بالطبع الطحالب ليست الكائنات الوحيدة التي يقوم
الباحثون بدراستها؛ ففي الوقت الحالي يقوم العديد منهم بدراسات على أنواع من
الخمائر التي تنمو على أشجار شجر التنوب النرويجية وعلى سكريات الأعشاب البحرية
وذلك لغنوها بالبروتينات اللازمة والتي تمكنها من العمل كعلف سمكي مقلَّد.
"هذه الخميرة مستدامة، إذ يمكن إنتاجها بشكل مستقل عن الأراضي
الصالحة للزراعة، وتستخدم القليل من المياه العذبة، ويمكن أن تستخدِم كتلة حيوية
منخفضة القيمة"، من النوع الذي يندر استخدامه كطعام من جانب البشر.
وتعد الحاجه لإنتاج الأحماض أوميجا 3 في أعلاف الأسماك، جزء أصيل من
المشكلة، حيث نحتاج لزيادة معدلات إنتاج هذا النوع من بدائل الأعلاف، ويتطلب
محاكاة التوازن الطبيعي الموجود في زيت السمك إحدى طريقتين: إما العثور على سلالات
مثالية من الطحالب أو الخميرة ومن ثمَّ تغذيتها بالبادئ المناسب بحيث تنتج
الميكروبات ذات الصلة، كل شيء بشكل متناسب، وإما سيتعيَّن عليهم الجمع بين أحماض
دهنية مُستمدة من مصادر متنوعة، ما سيجَعل تنسيق أعمال الإنتاج أكثر صُعوبة.
يعد نظام البيوفلوك (الندف الحيوية) أحد أنظمة إستزراع الأحياء
المائية التي تعتمد على التكنولوجيا الحيوية في إنتاجيتها حيث يُثبت دوره الفعال
كنظام وتقنية منافسة لنظم الإستزراع الآخرى في النواحي المتعلقة بالإنتاجية
والجودة وكذلك المتعلقة بالإستدامة والسلامة الصحية.
هذه التقنية البيوفلوك (الندف الحيوية) تعد من التقنيات الواعدة في
مجال زراعة الأحياء المائية التي أثبتت قدرتها في دعم التنمية المستدامة في تربية
الأحياء المائية في المرافق القائمة على اليابسة.
يستند هذا النظام على النموات البكتيرية غير ذاتية التغذية المتميزة
بقدرتها على الإستفادة من النيتروجين الذائب الذي يتم فرزة من الأسماك والروبيان
وبقايا الغذاء غير المتناول في مياه التربية وتحويله إلى بروتين ميكروبي بكفاءة
عالية، وذلك عند توافر نسبة عالية من الكربون العضوى فتتجمع وتتماسك معها كائنات
أخرى مثل الروتيفرا والنيماتودا، فتصبح تجمعات مستهلكة للمركبات النيتروجينية فى
بيئة الاستزراع، وتعد مصدرا عالياً للبروتين.
يقوم النظام على التهوية المستمرة كعنصر أساسي وحيوي يدخل في تكوين
البيوفلوك (الندف الحيوية) كأوساط تُعزز من نمو الكائنات الدقيقة التي تسهم في رفع
معدلات التحول الغذائي وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج بإعتبارها مصدر غذاء إضافي
للأسماك والروبيان.
كما تسهم عمليات تبديل المياه المنخفضة المميزة للنظام في التقليل من
مخاطر تعرض بيئات الإستزراع للإصابات المرضية وبالتالي رفع مستوى الأمان الحيوي في
أوساط الإنتاج.
يقوم النظام أيضاً على إستخدام الحد الأدنى من المياه وبالتالي ترشيد
إستهلاكها، بما يحد من إستنزاف الموارد الطبيعية للمياه غير المتجددة، والذي ثبت نجاح
تطبيقة بمزارع إنتاج أسماك البلطي بالمملكة العربية السعودية.
أما عن الكائنات الدقيقة الداخلة في تكوين البيوفلوك (الندف الحيوية)
الغنية بمحتواها البروتيني فهى تسهم في التقليل من الإعتماد على مسحوق الأسماك
كبروتين حيواني يدخل في تشكيل الأعلاف السمكية المصنعة حيث يمكن لها أن تحل جزئياً
في وجباتها الغذائية.
لذلك نجد أن من مميزات هذه التقنية (الندف الحيوية)، إعادة تدوير
المياه بدون تغييرها، ترشيد إستنزاف الموارد الطبيعية من المياه العذبة، خفض مخاطر
الإصابات المرضية، رفع مستوى الأمان الحيوي، رفع كفاءة الجهاز المناعي للأسماك
والروبيان، التربية في كثافات تخزينية مرتفعة، التقليل من تكاليف الأعلاف بفضل
معدل التحويل الغذائي المنخفض، كلفة إنتاج منخفضة لكل كجم من الكتلة الحيوية
المنتجة.
وتُعد نسبة التحول الغذائي هي مقدار التحول الحيوي فيما بين الغذاء
المستهلك مقابل الكتلة الحيوية للكائن المنتج.
لا تقتصر استخدامات التكنولوجيا الحيوية على ما سبق ذكرة فقط، ولكن
هناك العديد من البرامج الرئيسية التي يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة بها.
على مدى العقدين الماضيين، قدمت التكنولوجيا الحيوية مساهمات كبيرة
في جميع تخصصات العلوم الطبية الحيوية والزراعة والصناعات الدوائية. ومع تقدم كل
تقنية، تظهر موجة جديدة من الأنشطة البحثية، والتي لا تقتصر الحدود عندها بل
ويحاول الباحثين دمج مثل هذه التقنيات معاً وبالتالي توليد العديد من الفرص
التجارية في مجال التكنولوجيا الحيوية.
تكنولوجيا التعبير البروتيني هي أحد التقنيات الرئيسية في
التكنولوجيا الحيوية. فهناك العديد من أنظمة التعبير مثل "البكتيريا والخميرة
وخلايا الحشرات والجينات المعدلة وراثيا".
يتم إنتاج جزيئات مثل الهرمونات والجونادوتروبين - Gonadotropin (أياً من مجموعة الهرمونات التي تفرزها الغدة
النخامية والتي تحفز بدورها نشاط الغدد التناسلية)، والإنزيمات المستخدمة في تربية
الأحياء المائية. يمثل التعبير عن المستضد "المولد المضاد - Antigen" لتطوير اللقاحات تطبيق رئيسي آخر لهذه
التكنولوجيا.
Microsatellite، RFLP
and QTL analysis
هذه البصمات من الحمض النووي وتقنيات رسم الخرائط تستخدم في المقام
الأول لتحديد المخزون، واختيار التربية، وتحديد الدلالات الوراثية لأهم السمات
مثل: تعزيز النمو ومقاومة الأمراض في الجينوم. القدرة على رسم الخرائط الجينية
وتمييز الجينات الكامنة وراء الصفات الموروثة كمياً قد تقدمت بالفعل.
بعض التقنيات
الرئيسية الآخرى المهمة في تربية الأحياء المائية: تكنولوجيا التعبيرعن البروتين،
الجينات ورسم الخرائط، لقاحات الحمض النووي، رقائق الحمض النووي، التكنولوجيا
المعدلة وراثيا وتكنولوجيا الخلايا الجذعية الجنينية
تطوير الأسماك
المعدلة وراثيا والمقاومة للتجمد (AFPs)
الكيمياء الحيوية في البروتينات المضادة للتجمد (AFPs) واحدة من الظواهر البيولوجية الأكثر إثارة
للاهتمام هو التكيف مع التجمد لوحظ ذلك في العديد من الأسماك البحرية المتواجده في
المياه الباردة التي تعيش في بيئات محملة بالثلج. كثير معتدل وأنواع الأسماك
الاستوائية لديها درجة حرارة تجميد تقارب (c°0.6-) درجة مئوية،
يرجع ذلك في المقام الأول إلى وجود كلوريد الصوديوم وغيرها من الشوارد الصغيرة في
وزنها الجزيئي. وبالتالي، فهي غير قادرة على تحمل أي درجات حرارة منخفضة التجمد.
ومع ذلك، البحر يمكن أن تكون درجات حرارة الماء في المناطق القطبية خلال أشهر
الشتاء منخفضة (c°1.9-) درجة مئوية.
لتجنب التجمد، فإن العديد من أنواع الأسماك قادرة على إنتاج مجموعة فريدة من
البروتينات، المضادة للتجمد (AFPs) أو البروتينات
المضادة للتجمد (AFGPs) التي يمكن أن
تتفاعل مع بلورات الجليد وتخفيض درجة حرارة التجمد بشكل فعال، تم فحص كيمياء
البروتينات لهذه البروتينات على نطاق واسع من قبل العديد من المختبرات ويمكن
تجميعها في أربعة أنواع على الأقل من نوع (AFPs) ونوع واحد من
(AFGPs).
من بين كل هذه البروتينات، يعد النوع الأول من (AFPs) والذي يستخرج من السمك الشتوي المفلطح هو من
أفضل الأنواع بين كل مجموعات AFPs/AFGPs. وذلك بالرغم
من تنوعها الهيكلي وأصولها التطورية، تتميز جميع الأنواع بأن لها خصائص بيولوجية
مماثلة. انهم جميعا لديهم القدرة على الترابط مع بلورات الجليد، وتمنع إعادة بلورة
الجليد وإظهار الأنشطة الهستيرية الحرارية.
وهناك أيضاً العديد
من التقنيات العلمية الأخرى والهرمونات مثل هرمون النمو (GH).
كل هذه التقنيات السابقة وأنظمة الإستزراع المائي المختلفة واستبدال
بعض مكونات الأعلاف من الحبوب الغذائية الرئيسية تلعب دوراً غاية في الأهمية في
تقليل التلوث البيئي، تحقيق الاستدامة، حفظ الإنتاجية، تحقيق الأمان الحيوي،
وتوفير غذاء الكائن البشري دون المساس به.
ولكن تسليط الضوء وإجراء التجارب والأبحاث يجب أن تكون موجهه في كل
دولة على حسب الإمكانيات المتاحة بحثياً، أٌقتصادياً، وتجارياً أيضاً. فما هو متاح
في أحد الدول غير متاح في نظيرتها. لذلك يكون دائماً التجديد في الأفكار خير من
نقلها فقط.
بكالوريوس علوم الثروة السمكية والمصايد
أخصائي تصنيع الأسماك والبيوتكنولوجي
تكنولوجيا الندف الحيوية (البيوفلوك)
كتبت ليزلي نيمو "محررة بمجلة ساينتفيك أمريكان" في وقت
سابق تحديداً في مارس 2019 أنه من بين المائة وستين مليون طن من الأطعمة البحرية
التي ينتهي بها المطاف إلى أطباق الطعام كل عام، يأتي 50% منها من الاستزراع
المائي وهذا ما دعاني إلى تكثيف البحث والجهود للنظر فعلياً إلى استخدامات
التكنولوجيا الحيوية في أعلاف الأسماك.
يتطلب استزراع السلمون والبلطي والروبيان والأنواع المختلفة سواء من
الأسماك أو القشريات توفير إمدادات ثابتة من المكملات الغذائية المثالية، ومنها
أسماك مثل السردين والأنشوجة الزيتية، وغالبًا ما يُطلق على هذا النوع من الأسماك
اسم "الأسماك العلفية"، وهي غنية بالبروتينات والفيتامينات والدهون، ومن
بين العشرين مليون طن من الأسماك العلفية التي تُسحَب من البراري كل عام، يُحضَّر
نحو 90% في صورة وجبات أو زيت لتغذية الأسماك المُستزرَعة للاستهلاك البشري.
بكالوريوس علوم الثروة السمكية والمصايد
أخصائي تصنيع الأسماك والبيوتكنولوجي